عثمان خالد – الشاعر المنسي
صلاح الدين عبدالحفيظ مالك
صحيفة الرائد
الثلاثاء 05 يوليو 2011م
رغماً عن انزوائه داخل محرابه الخاص قراءة وكتابة وبحثاً عن تاريخ
الشعر ومدارسه إلا أنه ظل وحتى الآن أحد الذين مروا مروراً راسخاً
في عالم الشعر الغنائي.
تمكنت منه حالة القراءة لكل ما يتعلق بالأدب والغناء فكان مرجعاً
من مراجع الأدب العربي فزاد عليه بقراءات عميقة في الأدب الإنجليزي،
فأصبح أحد الكتاب الحاذقين لصناعة الكلمة الراقية والعبارة المدهشة.
تشهد على ذلك كتاباته المنشورة بالصحف السودانية منذ منتصف
عقد الستينات وتحديداً صحيفتي السودان الجديد والرأي العام.
في العام 1939م وبمدينة بارا ولد الشاعر عثمان خالد تلقى
الشاعر عثمان خالد تعليماً نظامياً أسهم في جعله مثقفاً كأبناء
جيله.
في تنقله ما بين بارا والأبيض وأمدرمان السبب في تشربه عدداً
من ثقافات الإثنيات التي وجدت بتلك المناطق فكانت الأولية ببارا
والوسطى بالأبيض والثانوية بكل من الفاشر وأم درمان، في 1964م
عمل موظفاً ببنك السودان بنيالا فكان منتهزاً لفرصة فراغه بعد العمل
فظل قارئاً نهماً لما تجود به المكتبات في جانبي الأدب والعلوم
الاجتماعية.
التحق بصحيفة الأيام في منتصف الستينات صحافياً مع كتابته لصحيفتي
السودان الجديد والرأي العام، أنتج عثمان خالد كنزاً من كنوز الكتاباتد
الصحافية خلال فترة قصيرة.
ويشاء القدر له أن يهاجر إلى أرض العراق للعمل كصحافي بصحيفة
الثورة الناطقة بلسان حزب البعث العربي الاشتراكي، تمددت تجربته
الصحافية بكل من العراق وليبيا والمغرب ولو جمعت كتباته خلال
عقدين من 1965م حتى 1990م لرأى الناس العجب العجاب
في أسلوبه الرصين وتناوله الواضح لما يكتبه.
كتب شعراً غنائياً خالداً ، فكانت رائعة أغنيات نهاية الستينات التي
تغنى بها حمد الريح ( إلى مسافرة) (حليلو قال ناوي السفر)
كما قطف ملك الغناء من حدائق أشعاره أغنية (أحلى البنات).
أما الفنان إبراهيم عوض فكان أكثر حظاً من غيره حين تغنى
بأغنية (قلبك حجر) (لو ما بتحن مالك مضوق قلبي في دنياك مر).
في السبعينات وهي تود الرحيل كتب لعبدالعزيز المبارك أغنية
(بتقولي لا) وأعقبها بأغنية (أحلى جارة).
لم يشأ الفنان صلاح بن البادية أن يكون بعيداً عن عدم الالتصاق
بكلماته غناءً فتغنى من كلماته بأغنية (رحلة عيون)
(ننساك .......
أنت أنت بتتنسي
ما أنت روحنا وحبنا
سافرنا في عينيك وتهنا
وقلوبنا بيك متجننة).
أما أغنية (سمحة سمحة الصيدة) فكانت من نصيب محمد ميرغني
وأردفها محمد ميرغني بوطنيته:
(لا هماك وعيد
لا خشيت الزمن
تسلم يا وطن).
في مجمل ما يمكن وصفه به فأن الشاعر عثمان خالد يظل أحد
أكثر شعراء الغناء من مدرسة الثالثة والذين ظهروا في الستينات
عمقاً معرفياً وثقافة غير محدودة في عالمي الأدب والتاريخ.
في بواكير العام 1993م أصابته علة مفاجئة فكان التوعك الصحي
الشيء الذي عجل في نفس العام برحيله ليبقى اسمه في سجل
شعراء الغناء الأفذاذ.
ولكم يضير المرء أن يكون عثمان خالد
منسياً في عالمي الغناء والصحافة.
::::